حفيد مالك بن النجار الخزرجي، اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن الخزرج، وأمه هند بنت سعيد الخزرجية، أسلم قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة مع السبعين من الأنصار، وشارك معه في معركة الإسلام الأولى بدر، وشهد الغزوات الأخرى كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي أيوب الأنصاري وبين مصعب بن عمير، أول سفير له إلى المدينة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم إليها.
كان من أحب الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خصه النبي لما قدم المدينة بالنزول عليه في بيته، فأقام عنده، وأحاط رضي الله عنه النبي بالحفاوة التي هو أهل لها، وبالغ في إكرامه، وبقي صلى الله عليه وسلم في بيته حتى انتهى من بناء المسجد، وبنيت له حجرة أم المؤمنين سودة.
عاش أبو أيوب جنديا من جنود الإسلام، ومات غازياً في سبيل الله شجاعا، مقداما، لا يغيب عن حرب، ولا يتكاسل عن غزو، وشهد مع رسول الله الغزوات كلها، وحتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخلف عن غزوة كتب للمسلمين أن يخوضوها إلا غزوة قد أمر فيها على الجيش شاب لم يقنع أبو أيوب بإمارته، فقعد ولم يخرج معهم، ولكنه ما لبث أن ندم على موقفه هذا وظل يؤنب نفسه.
وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية رضي الله عنه جيشا بقيادة ابنه يزيد، وكان الهدف فتح القسطنطينية، وكان أبو أيوب قد صار شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره، حمل سيفه على عاتقه وهو يقرأ قوله تعالى: (انفروا خفافا وثقالا)، وكان يقول وكأنه يحدث نفسه: لا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا، وخرج معهم مجاهداً، حتى مرض فذهب قائد الجيش يزيد بن معاوية يعوده، وقال له: ما حاجتك أبا أيوب؟، فقال: (إذا أنا مت فاحملوني إلى أرض العدو ثم ادفنوني)، فكانت آخر وصاياه أن حض المسلمين على القتال، وأن يحملوه معهم ليدفنوه عند أسوار القسطنطينية، وكان آخر حديثه قال سمعت رسول الله يقول: (من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة)، ولفظ المجاهد الكبير أنفاسه الطاهرة، فلما كان الصباح قالت الروم للمسلمين: لقد كان لكم في الليل شأن عظيم، فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا، وأقدمهم إسلاما، قد دفناه حيث رأيتم، والله لئن نبش قبره لا يضرب لكم ناقوس في بلاد العرب ما كانت لنا دولة، فكان مدفنه في المنطقة الواقعة على الضفة الجنوبية الغربية لخليج القرن الذهبي في شمال غرب أسوار القسطنطينية، وبقي الروم يتعاهدون قبره ويزورونه.
روى أبو أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بن كعب، وله في مسند بقي بن مخلد مائة وخمسة وخمسون حديثا، وروى له: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، واتفق له البخاري ومسلم على سبعة أحاديث، وانفرد له البخاري بحديث، وانفرد له مسلم بخمسة أحاديث، وحدث عنه من الصحابة أبو أمامة الباهلي، والبراء بن عازب، وزيد بن خالد الجهني، والمقدام بن معدي كرب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وجابر بن سمرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، وروى عنه عدد من التابعين